مقال

لماذا تُعد مرحلة الطفولة أخطر مرحلة في حياة الطفل وفق المونتيسوري؟

 

الطفولة ليست مجرد بداية الطريق، بل هي الأساس الذي تُبنى عليه شخصية الإنسان. في فلسفة المونتيسوري، تُعتبر هذه المرحلة أخطر وأهم مراحل الحياة، لأنها تحدد شكل قدرات الطفل، شخصيته، ومهاراته المستقبلية. ما يمتصه الطفل في سنواته الأولى يظل أثره حاضرًا مدى الحياة.


 العقل الماص – قوة السنوات الأولى

وصفت ماريا مونتيسوري عقل الطفل حتى سن السادسة بـ "العقل الماص"، أي أنه يمتص كل ما حوله بسهولة وبدون وعي، حيث تنتقل إليه اللغة بشكل طبيعي، وتترسخ داخله السلوكيات والعادات، كما تتشكل هويته الأساسية من بيئته القريبة.

 الفترات الحساسة – نوافذ التعلم الذهبية

الطفولة تمر بمراحل يكون الطفل فيها أكثر استعدادًا لتعلم مهارات محددة:

  • اللغة: من الميلاد حتى 6 سنوات، حيث يلتقط الأصوات والكلمات بشكل مذهل.

  • الحركة: يطور المهارات الحركية الدقيقة والعامة من خلال اللعب والتجربة.

  • النظام: يحتاج إلى روتين وتنظيم ليستوعب العالم من حوله.

  • التفاعل الاجتماعي: يتعلم الاحترام، التعاون، والرحمة من خلال الملاحظة والممارسة.

 إذا فاتت هذه الفترات، يمكن للطفل أن يتعلم لاحقًا، لكن بجهد أكبر ومتعة أقل.


 بناء الاستقلالية والمسؤولية

من أهم مبادئ المونتيسوري مساعدة الطفل على الاعتماد على نفسه منذ الصغر.
أنشطة مثل ارتداء الملابس، تنظيف المكان، إعداد الطعام، والعناية بالبيئة تمنحه:

  • شعورًا بالمسؤولية.

  • ثقة بالنفس.

  • قدرة على حل المشكلات.

هذه الاستقلالية ليست عملية فقط، بل وجدانية أيضًا، إذ يتعلم الطفل أنه قادر على الإنجاز.


 النمو العاطفي والاجتماعي

في الطفولة يتشكل الذكاء العاطفي، وتساعد بيئة المونتيسوري الطفل على احترام الآخرين والتعاون معهم، والتعامل مع مشاعره بطرق صحية، والتعبير عن الغضب أو الحزن بسلام، إضافة إلى حل النزاعات بدون عنف.


 الأثر طويل المدى للطفولة

ما يزرع في الطفولة يتجاوز حدود التعليم الأكاديمي، إذ يحمل الطفل المتأثر بالمونتيسوري إلى شبابه وبالغيه:

  • حب التعلم بدلًا من الخوف من الفشل.

  • المرونة أمام التحديات.

  • الانضباط الداخلي والتحفيز الذاتي.

  • الثقة بالنفس لاتخاذ القرارات.


 لماذا الطفولة مرحلة "خطيرة"؟

لأن ما يحدث في هذه السنوات لا يزول بانتهائها، بل يتحول إلى ملامح شخصية ثابتة، فالإهمال قد يؤدي إلى ضعف الثقة والاعتمادية، بينما الرعاية السليمة تُطلق العنان لقدرات الطفل الكامنة.


 في فلسفة المونتيسوري، الطفولة ليست مجرد انتظار للمستقبل، بل هي المرحلة الأقوى في صياغة عقل الطفل وشخصيته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *